لعل من اهم خصائص شخصية الاطفال الدارجين من عمر ٢-٤ سنوات هو رغيتهم الملحة في الاعتماد على انفسهم في كثير من امور الحياة. فيصبح الطفل في ذلك العمر اكثر اهتماما بالعالم من حوله و اقل التصاقا بآمه و بعالمه الخاص. في هذا المقال ننقاش عدة طرق تستطيع الآم من خلالها تدعم عند طفلها اعتماده على نفسه و تقلل من المواجهات بينها و بين طفلها
اولا: نتيجة لفضول الطفل الزائد في هذا العمر و رغبته في اكتشاف العالم من حوله تقضي الآم جزء كبير من يومها في استخدام كلمة "لا"... "لا تلمس البوتجاز فهو ساخن"، "لا تحمل اخوك الرضيع"، "لا تتكلم بصوت عال"، ...الخ. كثرة كلمة "لا" تزيد الاصطدامات مع الطفل و تجعله اكثر عنادا و تجعله هو نفسه يستخدم الكلمة بشكل مبالغ فيه احيانا عندما نطلب منه آي طلب. تستطيع الآم التقليل من هذه الكلمة من خلال الرفض بوسائل اخرى مختلفة. مثلا بدلا من ان ترفض الآم السلوك الخاطئ يمكنها ان تشجع السلوك الصحيح فتقول "فضلا اردتدي الكنزة فالجو بارد" بدلا من ان تقول "لا تخلع كنزتك".
احيانا ايضا يتطلب الامر بعض التحايل و المهارة في طلبامرا ما من الطفل. مثلا ان كانت الام تعلم ان الطفل لا يريد شرب الحليب يمكنها ان تجعل من هذا الامر لعبة كآن تقول له: "هيا نرى من سينتهي من شرب الحليب اولا" او "هل تستطيع شرب الحليب قبل ان انتي من ارتداء ملابسي؟" و هكذا
ثانيا: كما سبق ذكره في مقال اخر يفضل اعطاء الطفل اكثر من خيار (خيارين فقط في السن الصغير حتى لا يشتت انتباهه) على ان تكون جميع الخيارات مقبولة لدى الآم. فمثلا ان كانت الآم تريد ان تطعم الطفل وجبة من الفاكهة يمكنها ان تخيره: "هل تريد تناول التفاح ام الكمثري؟" و هكذا يتحول التركيز من اكل الفاكهة من عدمه الى نوع الفاكهة. كما يمكن اشراك الطفل ايضا في جلب الفاكهة من البراد و غسلها. بهذه الطريقة يشعر الطفل انه له حرية في اختيار و تحضير طعامه و ينتقل تركيزه الى شعوره بالمسئولية
ثالثا: الطفال في ذلك السن لهم ذاكرة قصيرة جدا لذا لا يجب على الآم ان تمل او تتوقف عن تكرار القواعد و السلوكيات التي تريد زرعها في طفللها طوال الوقت. فقد تجد الآم انها كل يوم تعيد على مسامع طفلها انه لا يجب ان يضرب اخواته او ان انه يجب عليه الاستئذان اولا عند طلب شئ ما. من المهم ايضا ان تعلم الآم ان لازال لا يستطيع فهم مشاعر الاخرين كليا. فمثلا محاولة شرح ان ضرب الاخرين يؤذي مشاعرهم لا يكون ذو جدوى دائما في هذا العمر الصغير. عوضا عن ذلك يجب ان ترشح للآم ما هو متوقع من الطفل من سلوكيات. فتقول الام لطفلها: "نحن لا نضرب في هذا البيت، فضلا اعتذري لآختك و اعطيها قبلة و حضن... نحن فقط نحب بعضنا و نعطي بعضنا احضان و قبلات في هذا البيت". انا عن نفسي اكرر هذه الجملة كثيرا اما بناتي حتى انهما اصبحا يكرراها لبعضهما حينما تضرب واحدة منهما الآخرى
رابعا: يتعلم الطفل في هذا السن السلوك الصحيح معظم الوقت من خلال ملاحظة الآخرين من حوله و تقليدهم. فآن كانت الآم دائمة العصبية و النهر لآطفالها لا تستعجب عندما ترى اطفالها كذلك.
خامسا: لا يجب على الآم ان تكسر ثقة الطفل في نفسه طول الوقت و قدرته على التعبير عن رغباته. فمثلا ان اراد الطفل اللعب بالخارج و كان الوقت لا يسمح بذلك بدلا من ان ترفض الآم الفكرة تماما يمكنها ان تقول: "انها فكرة جميلة ان نلعب سويا بالخارج و لكن دعنا ننتهي من تناول الغداء اولا ثم نخرج معا لنلعب ب...." و هكذا يتحول تفكير الطفل من التركيز على رفض طلبه الى الانتظار و التشوق للآلعاب التي ذكرتها امه.
سادسا: يحتار كثير من الاباء و الامهات من التغير السلوكي المفاجئ الذي يحدث لدى اطفالهم طول الوقت. فتارة تجد الطفل يرفض امرا ما تماما و تارة اخرى يقبله و لكن يجب ان نعلم ان ذلك ايضا من خصائص شخصية الطفل في هذه المرحلة العمرية و هو التقلب السلوكي. مثلا لاحظت ان ابنتي قد ترفض ان اساعدها في خلع ملابسها في حين انها في بعض الاوقات تسمح لي و تبرر لنفسها ذلك قائلة: "في المرة القادمة سآخلع ملابسي وحدي". و بما انني اتعلم كثيرا من مراقبة سلوك بناتي تعلمت انا نفسي ان استخدم هذا العذر معها حين لا استطيع موافقتها في امر ما في هذه اللحظة و لكن شريطة ان اوفي بوعدي لاحقا كما وعدتها. فان كان الوقت متآخر و انا نتعبة لا استطيع الصبر قليلا على ان تخلع و تلبس ملابسها بنفسها اقول لها "في المرة القادمة يمكنك ان تفعلي ذلك بنفسك و لكن الان ماما متعبة و يجب ان نقوم بذلك بسرعة" و في الصباح اوفي فعلا بوعدي
سابعا: حين يخطئ الطفل يجب على الام ان تتعلم ان ترفض السلوك الخاطئ و ليس الطفل نفسه. فلا تستخدم آلفاظ على شاكلة "غبي، شقي، غير مهذب.... الخ" و لكن تقول كما ذكرنا سابقا: "ماما لا تحب.... يجب ان نفعل ..." و تعيد شرح السلوك المتوقع
ما سبق هو عرض لبعض الاساليب التي يمكن اتباعها للتربية السلوكية الصحيحة للاطفال الدارجين (٢-٤) سنوات. لمزيد من المواضيع المشابهة برجاء الذهاب للرابط التالي
http://www.anawbanatee.com/posts/?category=التربية+السلوكية+للطفل
هذا المقال مبني على تجربتي الشخصية من تربية بناتي التؤام و بعض القرئات التي وجدتها مفيدة جدا