كيف نتعامل مع نوبات الغضب عند الاطفال؟

خلال الاسبوع الماضي كنت اتابع بدقة كثير من التدوينات و المقالات الخاصة بالتعامل مع نوبات الغضب للاطفال و قد لفت نظر احدى النقاشات القائمة بين مجموعة من الامهات على احدي مواقع التواصل الاجتماعي و قد استفدت كثيرا من هذا النقاش و قررت ان اترجم جزء منه و اضيف اليه بعض المعلومات الآخري التي تعلمتها من قرئات اخرى الى جانب خبراتي و تجاربي الشخصية مع بناتي

اولا احب ان ابدا بتعريف جميل وصفت به احد هذه الامهات معنى نوبات الغضب لدى الاطفال حيث قالت ان هذه النوبات هي عبارة عن تجمع عدد من المشاعر القوية لدى الطفل (كمشاعر الحزن او الفرح) والتي لا يدري بسبب سنه الصغير كيف يتعامل معها فيخرجها في شكل بكاء شديد. احيانا هذا البكاء يعبر عن يآس هذا الطفل من محاولاته المستمرة و الغير الناجحة في ايصال معلومة ما لنا نحن الكبار و لكننا نعجز عن فهمه. كما اوضحت انه من المهم جدا لنا كآمهات و اباء ان ندرك ان نوبات الغضب و البكاء الشديد هي وسيلة الطفل الوحيدة في التعبير عن مشاعره و انه لا مفر منها. فلا جدوى من ان نحلم و نتمنى طفل هادئ دون دموع و صراخ و لكن دورنا كمعلمين و اولياء امور لهذا الطفل ان نعطي الطفل الاسلحة اللازمة للتعبير عن مشاعره بآن نعلمه التصرفات المقبولة و الغير المقبولة في المجتمع و ان نوفر له اساليب اخرى للتعبير عن احباطه او غضبه او حزنه و ان نفتح دائما باب للحوار مع الطفل يستطيع من خلاله التعبير لنا عن كل ما يدور في ذهنه. برجاء ملاحظة ان التعبير السليم عن المشاعر و الافكار و استخدام اللغة بشكلها الصحيح للقيام بهذه المهمة من احد الجوانب الاربعة التي يركز على تنميتها نظام المونتسوري لدى الطفل

كنت من اسبوع نشرت صورة على صفحة "انا و بناتي" على موقع الفيس بوك توضح ان معظم الاساليب التي اعتدناها في التربية لعقاب الطفل هي اساليب خاطئة وقد اثارت هذه الصورة استياء البعض و حيرة البعض الاخر. فبحثت قليلا لاستكشاف ما هو الخطآ الكامن في كل واحدة من هذه الاساليب. فيجب قبل ان نبدآ فكر جديد ان نهدم الفكر الخاطئ الذي يسبقه حتى نبدآ بداية سليمة. و الآن فلننظر الى تلك الاساليب و عيوبها:

١. ارسال الطفل للجلوس بمفرده في حجرته او اي من هذه المسميات

time out, naughty corner...etc.

خطورة هذه المسميات انها ترسل للطفل رسالة بآن حب امه حب مشروط اي انها تحبه فقط حين يقوم بما يرضيها و هذا طبعا كلام غير صحيح. هذا غير ان الطفل في السن الصغير لا يستطيع فهم لماذا يجلس في هذا المكان وحده خاصة و ان كانت الآم تقوم بعزل هذا الطفل في حجرة مغلقة. و الاهم من ذلك ان الام عندما تلجآ لهذا الاسلوب تكون في معظم الاحيان غاضبة مما يزيد الطفل عنادا و اصرارا حتى بعد الجلوس بمفرده في مكان العقاب

برجاء ملاحظة ان هناك بعض الاطفال يفضلون الجلوس وحدهم اثناء نوبات الغضب وليس هناك عيبا في ذلك ان كنتي تعلمي ذلك عن طفلك. مثلا لاحظت ان احدى بناتي دائما وجودي بجابها يزيد من مشاعرها و بكائها و لذلك نجلس معا في ركن "عيوطة" و لكني اتظاهر بقرآة كتاب او الانشغال عنها في حين ان اختها تقل ثورتها حين احتضنها. اذن فالعزلة الصحية لا تكون بدافع العقاب و لا عن طريق عزل الطفل تماما باستخدام الابواب او الاسوار و ان كان الطفل يفضل الجلوس في غرفته (باختياره) فيجب ان يعلم جيدا انه باستطاعته الخروج منها بعد ان يهدآ. مثال اخر: عندما كانت احدى بناتي في الشهور الاولى من عمرها كانت تصيبها نوبات بكاء هيستيري حين وجود اغراب فكنت اضعها في غرفتها و اطمئنها و اتركها قليلا مع موسيقى هادئة و لعبة او كتاب، بعد دقائق كانت تهدآ تماما و تبدآ في الضحك او الغناء و هنا كنت اذهب مرة اخرى و التقطها لتجلس معنا و كآن شئ لم يكن. فانا لا اعاقبها و لكن اعطيها فرصة للتحكم في مشاعرها و لادراك حقيقة انه هناك افراد اخرين بالمنزل غير ماما و بابا و اختها. اذن الخلاصة هنا انه هناك فرق كبير بين اعطاء الطفل مساحة لاستدراك مشاعره و بين تجاهله و ازدرائه

٢. الصراخ: خطآ شائع نقع فيه جميعا (و انا اولكم) هو الصراخ في وجه الطفل حين يتصرف تصرف خاطئ و خاصة حين يبدآ موجة الغضب و البكاء. و لكن السؤال هنا: لماذا نلجآ للصراخ؟ الاجابة طبعا لآن صراخ و بكاء طفل الى جانبنا يجعلنا نشعر بضغط شديد و عدم القدرة على تحكم في مشاعرنا الغاضبة! اذن ان كانت هذه ردة فعلنا كآباء و امهات ناضجين لماذا نتوقع عكس ذلك من صغارنا؟ لماذا نتوقع ان صراخنا سيحل المشكلة او سيمنعهم من البكاء؟ 

النقطة الاخرى التي يجب ان نتنبه لها هي ان الطفل مجرد ورقة بيضاء لا يعرف حتى التعبير عن مشاعره و نحن الكبار نعطيه تلك الادوات اللازمة للتحكم فيها و التعبير عنها. فآن كانت رد فعلنا لآي موقف يثير التوتر هو الصراخ فآذن نحن نعلم الطفل ان الصراخ هو الحل!

هناك احدى الامهات اشارت انها تستخدم صوت اقرب لصوت الوشوشة اثناء بكاء ابنائها و وجدت لهذا الاسلوب صدى فعلى حد قولها الصوت الهادئ يثير الفضول حيث يحاول الطفل ان يخفض من صوته حتى يسمع ما تقوله امه. للآمانة العلمية انا جربت هذه الطريقة مرتين فقط مع بناتي خلال الامس و لاحظت انها ناجحة في الاوقات التي تكون فيها احدى بناتي لديها طاقة مفرطة في وقت نحتاج فيه للهدوء كقبل النوم او قبل البدئ في نشاط يحتاج للتركيز.

٣. التهديد: و هذا يعد من اخطر انواع العقاب اللتي ممكن ان نلجآ لها مع الطفل خاصة عندما تقول الام عبارات مثل: "لو مجتش معايا هسيبك هنا لوحدك" او "انا همشي و اسيبك عشان انت وحش" هذه العبارات لها اثر مباشر و اكيد في كسر الثقة لدى الطفل و انشاء مخاوف ليس لها حصر في خياله الواسع الكبير. فيتعلم ان لا يثق في من هم اكبر منه سنا و ان يتوهم الكثير من السناريوهات الغير منطقية خاصة عندما تقال هذه العبارات في مكان غريب عن الطفل كفي النادي او السوبر ماركت... الخ

الشئ بالشئ يذكر بما اننا بصدد الحديث عن زرع الثقة في الطفل يجب ان تعلم الآم انه من اخطر الاخطاء على نفسية الطفل ان تتركه في مكان دون ان يعلم انها رحلت او ميعاد رجوعها. هناك كثيرا من الامهات يتركن اطفالهن في الحضانة مثلا و يرحلوا في وقت انشغال الطفل بلعبة ما فلا يجدها حين يلتفت الى اخر مكان كانت فيه. اذن الحل هو يجب علي الام دائما تهيئة الطفل و توقعاته (كما تحدثنا في مقال جدول المهام) بآنها ستتركه و ان هذا المكان امن و ما السلوك المتوقع منه اثناء غيابها

٤. الاستهزاء من الطفل: الجواب واضح من عنوانه و طبعا لا نحتاج ان نوضح الآثر النفسي المدمر على الطفل من فقده ثقته بنفسه و نتائج ذلك من انطواء و بعد عن المجتمع ...الخ

٥. العقاب البدني كالضرب: و هذا لما يؤديه هذا العقاب من تنمية العدوانية و الانطواء لدى الطفل. فقد اوضحت بعض الدراسات ان كثير من الاطفالالذين يتعرضون للضرب في سن الثلاثة اعوام يظهرون سلوك عدواني في سن الخامسة. فحتى ان كان الضرب ينجز المهمة او يوقف السلوك الخاطئ في وقته الا انه يزرع سلوكا اكثر خطآ في المستقبل فيعلم الطفل الالتزام فقط في وجودك او في وجود الكبار و بالتالي الكذب و فعل السلوكيات الخاطئة في غيابهم. كما ذكرت من قبل ان الطفل مرآة تصرفات الكبار فان استعنا بالضرب لوقف السلوك الخاطئ فآن الطفل يتعلم الاعتماد ايضا على الضرب مع اصدقائه و من هم من عمره. هذا و قد اوضحت الدراسات ايضا ان الضرب يؤثر على كيمياء المخ  فيجعل الطفل يصاب بالاكتئاب و التغير المزاجي و يقلل من قدرته العقلية. و اخيرا لنتذكر دائما نهي رسولنا الكريم عليه الصلاة و السلام الصفع على الوجه و هو للآسف خطآ تقع فيه بعض الامهات يدمر الجانب النفسي للطفل

و الان بعد ان اوضحت بعض مساوئ الاساليب التقليدية و المتعارف عليها في تقويم سلوك الاطفال و للتحكم في نوبات الغضب و البكاء لديهم تابعوني في الآيام المقبلة للتعرف على بعض الاساليب المفيدة للتعامل مع هذه الحالات

 ملحوظة هذه بعض المصادر التي استعنت بها و ليس كلها: في كتابة هذه السلسلة من الحلقات

http://www.huffingtonpost.com/2014/09/18/adrian-peterson-corporal-punishment-science_n_5831962.html

http://www.amazon.com/.../0553386697/ref=as_sl_pc_tf_til...

http://www.handinhandparenting.org/.../helping-children.../

http://montessorionabudgetinc.blogspot.com/.../challengin...

http://montessorionabudgetinc.blogspot.com/.../child...

http://www.huffingtonpost.com/2012/01/19/dehydration-mood-worse-women_n_1216762.html

How to Raise an Amazing Child the Montessori Way

Montessori from the Start: The Child at Home, from Birth to Age Three